عام كامل مضى على هجوم «طوفان الأقصى»، منذ أن اقتلعت الجرافة الفلسطينية الأسوار المحيطة بغزة، وفي لحظات صادمة لإسرائيل، أطلقت خلالها مئات الصواريخ (5 آلاف صاروخ على مستوطنات غلاف غزة وتل أبيب الكبرى، ووصلت الصواريخ الفلسطينية إلى القدس)، وفي توقيت مفاجىء، فجر يوم السبت، 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 مسجلا يوما فارقا في تاريخ القضية الفلسطينية، بل وفي معادلات توازن القوى في منطقة الشرق الأوسط.
هجوم «طوفان الأقصى»
واقتحمت عناصر من المقاومة الفسطينية مستوطنات إسرائيلية، وسيطروا على مراكز شرطة، كما أظهرت مقاطع مصورة.. واعترف جيش الاحتلال بوجود اشتباكات في قلب المستوطنات، خلّفت عددًا من القتلى ومئات المصابين، وعددًا آخر من الرهائن، وأعلنت إسرائيل، حالة الطوارئ في نطاق 80 كيلومترًا من قطاع غزة، ووافقت على استدعاء مكثف لجنود الاحتياط، معلنة أنها في حالة تأهب للحرب.
كسر نظرية الردع الإسرائيلية
كان الهدف من عملية «طوفان الأقصى»، التصدي لرياح عابرة كانت تنبئ بتصفية القضية الفلسطينية أو إزاحتها إلى دائرة النسيان، وكذلك الاحتجاج المسلح على الحصار المفروض على قطاع غزة منذ 17 عاما وقبل كل ذلك تحقق هدف كسر نظرية الردع الإسرائيلية في المنطقة، خاصة أن تأثيرات هجوم أكتوبر قد طالت –تكتيكيًا واستراتيجيًا– كافة مفاصل المؤسسة العسكرية، التي كانت تروج دائما أنها الأقوى في الشرق الأوسط.
ومع هجوم «طوفان الأقصى»، بددت المقاومة الفلسطينية فكرة الجيش الذي لا يُقهر، واستطاعت أن تعيد للقضية الفلسطينية حضورها، وتعيد وضعها على الطاولة في المحافل الدولية بعد أن كاد غبارُ النسيان أن يطويها.
تعرية إسرائيل أمام العالم
يوم السابع من أكتوبر كان انعطافًا كبيرًا في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأعاد حضور فكرة حل الدولتين لدى الساسة الأميركيين والأوروبيين، كما حدث ذلك التغيير اللافت من حيث التراجع في الدعم والتعاطف الدوليين اللذين تمتعت بهما لعقود طويلة، وهي تواجه دعوى أمام محكمة العدل الدولية بتهم ارتكاب أعمال إجرامية ضد المدنيين، واستكملت حلقات تعرية إسرائيل دوليا بعد قرارات محكمة العدل الدولية، التي اعتبرت الوجود الإسرائيلي المستمر في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني، ويجب على إسرائيل إنهاء وجودها في الأراضي المحتلة في أسرع وقت ممكن، وأنه من واجب المجتمع الدولي والمنظمات الدولية عدم الاعتراف بالوجود الإسرائيلي في المناطق كوجود قانوني وتجنب دعم استمراره.
أوامر اعتقال
ثم جاء قرار مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، بشأن استصدار أوامر اعتقال بحق كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الحرب يوآف غالانت.. وقالت صحيفة «هآرتس» العبرية، إن إسرائيل تواجه مأزقًا جديًّا غير مسبوق على الصعيد الدولي، سياسيًا وجماهيريًا وقضائيًا.
الأمر الذي أشارت إليه صحيفة «الغارديان» البريطانية، بأنه على الرغم من وقوف أميركا والغرب مع إسرائيل، إلا أن الأخيرة تشعر بالعزلة العالمية.
ويؤكد محرر الشؤون الدبلوماسية بالصحيفة، باتريك وينتور، ما قاله مسؤول في وزارة الخارجية البريطانية «إن جيش الدفاع الإسرائيلي لا يهتم بما يعتقده الناس عنه. هذه دولة أمنية. إنه لا يريد أن يكون محبوبًا. إنه يريد أن يكون موضع خوف واحترام. وقد بدا ذلك واضحًا الأيام الأخيرة مع اغتيال إسرائيل لقيادة حزب الله، والتي نفذت دون دعم سياسي من الولايات المتحدة، التي يصورها الآن بنيامين نتنياهو كجزء من هدف معلن حديثًا، لتغيير توازن القوى في المنطقة لسنوات».
متغيرات في المنطقة
مفاجأة عملية «طوفان الأقصى»، انها خلقت مناخًا لولّادة متغيرات ستطال تداعياتها جميع أنحاء المنطقة، ولن تبقى محصورة في قطاع غزة، أو في الجبهات المساندة في لبنان والعراق واليمن.. المنطقة بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 هي غير ما قبله.
خيار المقاومة
ويرى الباحث في الشؤون السياسية، عادل شديد، أن الوضع الحالي في المنطقة يختلف بشكل كبير عما كانت عليه الأمور قبل عام، ولم يعد أمام المقاومة الفلسطينية سوى خيار مواجهة ومقاومة هذا المشروع الإسرائيلي.
وأضاف: «ما حدث قبل عام أسس لمرحلة طويلة من المواجهة الدموية، ولم تعد غزة وحدها في مواجهة هذا المشروع الصهيوني، ولم تعد أيضا غزة الوحيدة التي تدفع الثمن، أيضا إسرائيل في حال استنزاف».
وقال الباحث السياسي للغد: «بعد عام كامل لم تحقق إسرائيل أي هدف من أهدافها التي أعلنت عنها مع بداية العدوان على غزة، وكان واضحًا أن الاستخدام المفرط للقوة لن يؤدي إلى تحقيق الأهداف، لا بل سيأتي بنتائج عكسية، وهذا ما يحدث والدليل أنه بعد مرور عام على «طوفان الأقصى» وشن حرب الإبادة على قطاع غزة، هل المكانة الإقليمية لإسرائيل كما هي؟!.. اليوم المكانة الإقليمية لإسرائيل تدهورت، وصورة إسرائيل أمام المنطقة وأمام العالم ليست أفضل مما كانت عليه قبل عام».