عام مر على الحرب الإسرائيلية على لبنان وقطاع غزة، ورئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو يريد جر الولايات المتحدة الأميركية إلى حرب ضروس في الشرق الأوسط عبر لبنان لفرض مشروع إسرائيل الكبرى، وهو يستغل الانتخابات الأميركية المرتقبة في الخامس من الشهر المقبل عبر ممارسة الضغوط من خلال اللوبيات المتحكمة في الدولة العميقة، للحصول على كافة أشكال الدعم، حيث أرسلت واشنطن إلى إسرائيل "بطارية ثاد"، وهي واحدة من أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة، للمساعدة في اعتراض المسيرات والصواريخ الباليستية.
ما يحصل اليوم هو مشروع واستراتيجية سياسية أكبر من حرب وأكبر من حروب وأكبر من عمليات عسكرية، فما تشهده المنطقة بالغ الأهمية والخطورة، لا سيما وأن الجمهورية الإسلامية تعاني اقتصادياً وهناك خطر على سقوط النظام عبر محاولات ضرب الوحدة واشعال الشارع وادخال البلد في فوضى عبر بعض الحركات السياسية الايرانية المعارضة والمثيرة للجدل وتحويل الأزمة من اقتصادية إلى اجتماعية إلى سياسية.
يقول مصدر سياسي بارز إن لا مجال أمام إيران سوى التفاوض مع الولايات المتحدة، نظراً لأنها تعاني من أزمة اقتصادية حادة تترك أثارها على الداخل الإيراني الذي يتململ بعضه من الدعم الذي تقدمه الجمهورية الاسلامية للمجموعات المقاومة وهذا ما عبر عنه وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف بقوله من نيويورك "إن الشعب الإيراني قد ضجر من سياسات النظام في موضوع فلسطين". وليس بعيداً، كان لافتاً زيارة رئيس الجمهورية الايرانية مسعود بزشكيان المرشد الايراني السيد علي خامنئي بعد اسبوع من انتخابه، مبلغاً إياه أنه لا يستطيع فعل شيء على المستوى الاقتصادي الداخلي إذا بقيت الامور على ما هي عليه وأن المطلوب مفاوضات مع واشنطن من أجل استرداد جزء من الأموال المحتجزة لديهم( 400 مليار دولار مع الفوائد) ورفع الحظر عن الصادرات النفطية، وهذا ما لم يعترض عليه السيد الخامنئي. وعليه فإن إيران، بحسب ما يؤكد المصدر نفسه، مستقتلة لإنجاح المفاوضات مع الأميركيين،و خير دليل ومثال على ذلك قول بزكشيان "أننا لا نعادي الولايات المتحدة وعليهم أن يوقفوا عداءهم تجاهنا من خلال إظهار حسن نيتهم عمليا، ونحن إخوة للأميركيين أيضا". وكما هي الحال مع إيران فإنها كذلك مع الولايات المتحدة التي يهمها جداً إعادة إحياء المفاوضات التي في حال لم تحصل، قد تشتعل المنطقة بأكملها بفعل الجنون الإسرائيلي، وعندها قد تجد نفسها ملزمة بالحرب ضد إيران، مع ما يستتبع ذلك من تفجير لأسعار النفط التي سترهق الاقتصاد الأميركي الذي يخوض الاميركيون حربا اقتصادية في وجه الصين لحمايته وبقائه أكبر اقتصاد في العالم. ومن أجل كل ذلك فإن الإدارة الأميركية مستقتلة هي أيضاً لعودة الاتفاق مع الجمهورية الإسلامية.