في خطوة جديدة نحو استئناف المفاوضات وتعزيز جهود وقف إطلاق النار في قطاع غزة، أعلنت حركة حماس موافقتها على مقترح قدّمه الوسطاء لبدء المرحلة الثانية من الاتفاق، الذي يهدف إلى تبادل الأسرى وتهدئة الأوضاع في المنطقة.
وتضمّن الرد الذي سلّمته الحركة، الجمعة 14 مارس 2025، موافقة صريحة على الإفراج عن الجندي "الإسرائيلي" عيدان ألكسندر، الذي يحمل الجنسية الأمريكية، إلى جانب جثامين أربعة من مزدوجي الجنسية، في إطار سعيها لإثبات جديتها في التعامل مع المقترح بروح إيجابية ومسؤولة.
ويأتي هذا التطور وسط ترقّب دولي لما قد يحمله من انفراجة في الأزمة المستمرة منذ أكثر من عام، حيث أكدت حماس جاهزيتها التامة للتفاوض على تفاصيل المرحلة الثانية، داعيةً الوسطاء إلى إلزام "إسرائيل" بتنفيذ التزاماتها وفق الاتفاق المبرم.
مناورة محسوبة
المختص في الشأن "الإسرائيلي" أحمد شديد، قال إن حركة حماس تتعامل بقدرة عالية وذكاء في ملف المفاوضات مع "إسرائيل"، مؤكدًا أن موافقتها على مقترح الوسطاء تضع الاحتلال في مأزق، وتزيد الضغط على رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو.
وأوضح شديد، في حديث خاص لوكالة "شهاب"، أن نتنياهو يواجه معضلة حقيقية، فإما أن يخضع لضغوطات الولايات المتحدة الأمريكية، أو أن يواصل الحرب، مما سيزيد من عزلته. مشيرًا إلى أن جميع الخيارات المتاحة له تُعدّ صعبة.
وشدد على أن الأزمات تتفاقم بين نتنياهو والأجهزة الأمنية، وهو ما ظهر جليًا خلال اليومين الأخيرين، مؤكدًا أن هذه الضغوطات تحدّ من قدرته على المناورة في قضية المفاوضات.
ولفت المختص شديد إلى أن حماس تسعى إلى استثمار الضغوطات على نتنياهو لتحقيق مكاسب في المفاوضات، مشيرًا إلى أن رئيس حكومة الاحتلال لا يزال متخبطًا في اتخاذ القرارات.
وبيّن شديد أن حماس تتفاوض بمسؤولية عالية بهدف التخفيف عن الشعب الفلسطيني في غزة، موضحًا أن هذا الأمر بات واضحًا من خلال مطالبتها الوسطاء بإلزام الاحتلال بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وتطبيق المرحلة الأولى بشكل كامل دون أي لبس.
تفاوض بذكاء
أما الكاتب والمحلل السياسي أحمد غنيم، فقد أكّد أن حركة حماس تُظهر مجددًا قدرتها على إدارة ملف التفاوض بثبات ومرونة، مشددًا على أن الحركة لم تتخلَّ عن ثوابتها أو تقدم تنازلات مجانية للاحتلال، بل أعلنت موافقتها على مقترح الوسطاء لاستئناف المفاوضات في إطار استراتيجيتها التفاوضية.
وأوضح غنيم، في حديث خاص لوكالة "شهاب"، أن حماس ربطت الإفراج عن الأسير الأمريكي والجثامين بمقابل يشمل الإفراج عن أسرى فلسطينيين، إلى جانب بعض الترتيبات التي لم تُنفذ في المرحلة الأولى، أبرزها فتح المعابر، والانسحاب من محور "فيلادلفيا"، وبدء مفاوضات المرحلة الثانية، والتزام الاحتلال بتنفيذ تفاصيل الاتفاق كاملة.
وشدد على أن حركة حماس تبذل كل الجهود الممكنة للضغط على نتنياهو من أجل الالتزام بما تم الاتفاق عليه برعاية مصرية وقطرية وأمريكية، موضحًا أن الحركة تهدف من خلال موافقتها إلى جرّ نتنياهو نحو الاتفاق رغمًا عنه.
ولفت غنيم إلى أن رفض نتنياهو للمقترح سيضعه في مواجهة مباشرة مع الإدارة الأمريكية والشارع "الإسرائيلي"، مبينًا أن مناوراته في هذا الملف أصبحت فرص نجاحها ضئيلة للغاية.
وبيّن أن حركة حماس تتعامل بذكاء وقدرة تفاوضية عالية، مشيرًا إلى أن نتنياهو يواجه ضغوطًا كبيرة، لا سيما بعد اللقاءات التي جرت بين حماس والأمريكيين، وهو ما يترك تأثيرًا مباشرًا على سير المفاوضات.
وبهذا، تظل الأنظار متجهة نحو الموقف "الإسرائيلي" المرتقب وردّ نتنياهو، وسط ترقّب إقليمي ودولي لمسار المفاوضات وإمكانية تحقيق اختراق يُفضي إلى تهدئة مستدامة. وفي ظل استمرار الجهود الدبلوماسية، يبقى الأمل معلّقًا على قدرة الوسطاء في تجاوز العقبات والتوصل إلى اتفاق يُحقق تطلعات الطرفين، ويخفف من معاناة المدنيين في قطاع غزة.