لم تكن تدري ليال، الشابة العشرينية أن صوت القصف الذي طال إحدى المناطق الجنوبية سيتسبب بتشوه لجنينها الذي فقدته بين أحشائها. ليال، العروس الجديدة، التي نزحت إلى مركز إيواء في الجبل تسرد قصتها المؤلمة، مع أوّل جنينٍ لها، انتظرته بعد سنة وشهرين من الزواج، وفقدته بعد أن علمت قبل فترة قصيرة بحملها، وذلك عقب ضربة إسرائيلية عنيفة خلال نومها في غرفتها في الجنوب، والتي سبّبت لها صدمة، أثّرت على جنينها.
قصة ليال هي واحدة من عشرات القصص، إذ إن الحرب الآثمة التي يشنّها العدو الإسرائيلي على لبنان طالت عشرات الأجنة الذين لم يتمكنوا من الصمود داخل رحم إمهاتهم. فمن قوة أصوات الضربات المفاجئة، وصولا إلى النزوح المنهك، والإستقرار في مراكز إيواء من دون الحصول على الرعاية الطبية اللازمة، كل ذلك أثّر على نتيجة حمل العشرات من الأمهات اللواتي كن ينتظرن وضع مولودهن. وهذا الخوف يأتي بالتوازي مع تحذيرات أطلقها صندوق الأمم المتحدة، الذي أشار إلى أن 520 ألف امرأة تأثرن بتصاعد حدة الصراع في لبنان، وبحسب أرقام غير رسمية حصل عليها "لبنان24"، فإن قرابة 11650 امراة حامل نزحن أو هن معرضات للنزوح أو يحتجن مساعدة ورعاية صحية، بالاضافة إلى الحماية والتغذية والمياه النظيفة وخدمات النظافة.
وحسب صندوق الأمم المتحدة فإن الضمانات وسط العنف تتراجع خاصة لناحية خطورة انقطاع الخدمات الصحية الإنسانية المنقذة لحياة النساء والفتيات.
مصدرٌ طبي أكّد لـ"لبنان24" أن من اصل 11 ألف حالة حمل، من المتوقع أن تضع أكثر من 3700 مرأة قريبًا مولودها، والأمور بدأت تظهر تدريجيًا داخل مراكز الإيواء، إذ إن هناك معلومات تفيد بأن النساء يضعن مواليدهن داخل المراكز، بينما تحاول الاطقم الطبية أن تقسّم مواعيد الولادة من الأكثر خطورة أو حالة طارئة إلى الاقل خطورة. ويلفت المصدر إلى أنّ الأطقم الطبية لاحظت في الأسابيع الماضية عددًا من وفيات الاجنة أو الولادات المبكرة. ويعزو المصدر الطبي السبب إلى الانقباضات المفاجئة بسبب أصوات القذائف أو خرق جدار الصوت، بالاضافة إلى الإنهاك والتعب بسبب التنقل والنزوح، وعدم النوم بشكل مريح، بالاضافة إلى السبب الاكثر شيوعا وهو عدم الإلتزام بالمواعيد الطبية، أو المتابعة مع الأطباء.
ويشير المصدر إلى أن حالات ارتفاع الوفيات عند الأجنة أو التشوهات باتت مقلقة حيث تتراوح بين 3 او 4 حالات بشكل أسبوعي، وذلك بالنسبة إلى الحالات التي يتم الإبلاغ عنها أو رصدها داخل المستشفيات.
وكان عددًا من النساء اتخذن قرار وضع مولودهن في سوريا، إلا أنّ ضرب طريق المصنع حال دون ذلك، وقررت عائلات كثيرة الانتقال إلى مناطق بالقرب من المستشفيات أو العيادات مؤقتًا وذلك لوضع الجنين، إلا أن فكرة تغيب الاطباء غالبًا ما ترافق النساء، خاصة وأن الطاقم الصحي في لبنان يعمل بأقصى طاقته، هذا في وقت أفادت مصادر وزارة الصحة أنّها خصّصت رقما خاصا لمرضى الكلى والسرطان والحوامل (1214)، كما ستتولى تغطية 80% من كلفة الولادة للنساء الحوامل داخل المراكز، فيما ستسد منظمة تابعة للأمم المتحدة 20% المتبقية.
وتؤكّد المصادر أن الوزارة تتابع التواصل مع جميع النساء الحوامل ولو لم تستطع أن تصل للجميع، مشيرة إلى أنّه يتم فحصهن واطلاعهن على وضع الحمل.
ومنذ بدء النزوح، كانت قد شهدت بلدة الشوير ولادة الطفلة كلارا، وهي تعتبر أوّل طفلة مولودة في أحد ملاجئ النزوح. كما وشهدت ثانوية برجا الرسمية ولادة طفل، رافقها مبادرة استثنائية بتوزيع المغلي والإحتفال.