شذا حجازي
كثيراً ما نرى حيوانات مقفلة داخل قفص، تنبض بالأحلام دون الوصول إليها، ترى فرصة الهروب والعيش بحرية، ولكنها تظل حبيسة إلى أبد الحياة. خاصة العصفور، لماذا؟ حتى عندما يتم شراؤه، لا يحظى بفرصة الطيران بحرية والتحليق براحة، فقد بات ذلك من الأمور الصعبة المنال. نلاحظ عندما نغير قفص هذه المخلوقات الصغيرة أنها تصبح خارج السيطرة، تدخل في حالة هلع وكأنها على وشك التحرر، بينما في الحقيقة الفرق الوحيد في حياتها هو تغيير موقع السجن لا أكثر.
من سجن إلى آخر، تماماً كحال الإنسان الذي يحبس أفكاره وحياته في مكان واحد، تتكرر أيامه في روتين ثابت لا يتغير. يستيقظ ليعيد نفس الأحداث التي اعتادها، دون أن يرسم خطة لبداية يومه أو حتى فكرة جديدة قد تحرك أفكاره. لكن الإنسان لم يُخلق لهذا، بل خُلق ليستكشف نفسه، ليكتشف قدراته، ويبحث عن دوره الفعّال في المجتمع. ليس المهم أن يكون موجوداً كالعصفور المحبوس، بل الأهم أن يسعى لاكتشاف طرق جديدة، أن يجد طريقه الخاص للهروب من قفص الجمود. أن يكون مختلفاً عن محيطه، أن يسعى لتطوير شخصيته وقدراته الذهنية والبدنية، ليصل إلى ما يريد تحقيقه.
من قال إن العصفور مستحيل أن يهرب من قفصه؟ إذا رغب في الهروب، فلا شك أنه سيفكر بألف طريقة كل يوم لتحقيق ذلك، أو سيجرب بلا كلل حتى يصل إلى هدفه. وكذلك الإنسان، ما الذي يمنعه من التفكير في كيفية تحسين حياته؟ لماذا لا يتخذ نفس قرارات العصفور؟ الفرق أن بعض الأشخاص لا يكترثون لوضعهم، كالعصافير التي تبقى في قفصها دون محاولة للخروج. لا ألوم أحداً، فهناك من يجد راحته في الأمان الذي يقدمه له الآخرون، ولكن في النهاية لكل شخص إنجازات يجب أن يحققها بنفسه، بيده، لا أن ينتظر الآخرين ليقوموا بذلك عنه. كلنا نعلم أن الثمار التي نقطفها بأنفسنا لها طعم مختلف عن تلك التي قطفها غيرنا.
التغيير يبدأ من داخل الإنسان نفسه. من أراد التغيير، فليبدأ الآن، ومن لم يرد، فهو حر في اختياراته ومسار حياته. لكن من منظوري الشخصي، أرى أن الإنسان يملك مجالات واسعة لاكتشافها، حتى لو كان ضعيفاً في جانب معين، لماذا لا يجرب؟ لماذا لا يمنح نفسه الفرصة؟ هل يخشى الفشل؟ أم أنه لا يملك الثقة الكافية بنفسه؟ يعجبني القول: "The Change Starts Now"، لأن من لا يشجع نفسه لن يصل، ومن لا يدفع ذاته نحو التغيير "الآن"، ستظل الأمور عالقة دون أي تقدم.
فمتى ستقرر أنت أن تفتح قفصك؟