يقول جبران خليل جبران: "نتجاوز الألم عندما يكون هناك مَن يستطيع أنْ يتفهَّمَ ضعفنا ويحتوي لحظات الهزيمة من دون أنْ يُشعِرَنا بأننا قد انهزمنا".
قلبُ الإنسانِ، مهما قسا، لا يقدر على تحمّلِ أعباء الحياة وأثقالها، ولا يحتمل مُرَّ الهزيمة وحُزنَ الفقد. فاسألوا فاقد الأبِ عن الضعف، وفاقد الأمّ عن الأسى، وفاقد الولد عن الوحشة! فهذا هو الضعف بعينه. ولا تلوموا الأم التي تخاف على وحيدِها؛ لأنكم مهما أكننتُم في قلوبكم من الحنان والرِّقَّةِ لن تبلغوا مقدار ذرةٍ مما في قلب تلك الأم. فارفقوا بقلوب الناس ولا تتخذوا ضعفهم سِخْرِيًّا، لأنّ الإنسان لا يضعف إلا أمام الأشياء التي يرى فيها قوَّتَه.
إنّ أنكر الهزائم يحلّي الكلامُ العذبُ مرارتَها، وتنقّيها المواساة الرقيقةُ من الكدر ومما يشوبها من الحزن والحسرة. لا تعيّروا المهزوم، بل اختاروا كلماتكم معه كما تختارون ثيابكم بدقة. فكلمةٌ ترتقي بالإنسان إلى أعلى مراتب السعــــــــــادة والأمــــــل، وكلمةٌ تنزل به إلى الدرك الأسفل من الأسى والبؤس! وكلمةٌ تدفع بالمرء إلى خوض خِضَمِّ الحياة بكامل عتاده من الأمل والإصرار، وكلمةٌ تُقْعِدُهُ عن المثابرة ومعاودة الكَرّة. بكلمة تصميم يروِّضُ الإنسانُ الحياةَ، وبكلمة استسلام يجعلها تحرن كما يحرن الثور!
كونوا للضعيف سندًا، وللمهزوم تعزية. واعلموا أنّ الحياة دولةٌ، ولم تدم لأحدٍ قوتُه، ولم يحرم الحزنُ إنسانًا نصيبَه من السعادة. فاسندوا كي تُسنَدوا، وواسوا كي تُواسَوا.